jeudi 8 janvier 2015

قصبة بولعوان


قصبة بولعوان

قصبة اسماعيلية تاريخية، أسسها السلطان مولاي اسماعيل العلوي سنة 1122هـ / 1710م، ولا يعرف سبب خلوها من السكان في العصر الحاضر، رغم الامكانيات الفلاحية المتوفرة، إلا ما ورد من تفسير عند الباحث كولفن الذي ربطه بمحاولة السلطان مولاي اسماعيل تأبيد ذكرى زوجته المفضلة (حليمة غشاوة) التي كانت تسكن بقصر القصبة، فأمر بإخلائها بعد وفاتها، وإغلاق قصبة بولعوان، ولم يعد اليها قط، وعند احتضاره أكد إخلاء القصبة نهائيا لتأبيد ذكرى هذه المرأة، أما غيره من المؤرخين فقد ربطوا خلو القصبة مع فترة ما بعد وفاة السلطان مولاي اسماعيل والتي شهدت عدم الاستقرار السياسي بين أبنائه، الشيء الذي تسبب في خرابها وهجرتها.
أما في سنة 1735م التجأ الى القصبة السلطان مولاي عبدالله العلوي فرار من ثورة عبيد الرمل، حيث أنه قصد (مرس بولعوان) فنزل عليه وأباحه للقبائل ليستعينوا به على مجاعتهم.
وفي سنة 1745م التجأ الى القصبة مولاي المستضيء العلوي فارا من السلطان مولاي عبدالله العلوي الذي تبعه ونزلت عساكره أمام أسواره، وفر أهلها مع المولى المستضيء الى التلال ونزلوا قرب دمنات، وشرعت عساكر المخزن في استخراج الحبوب من الأمراس وانتشال الدفائن من الهميل وتخريب القرى وتقطيع الأشجار في المناطق السهلية المجاورة، والسلطان مولاي عبدالله مقيم بالقصبة الى أن اكتسح أرض دكالة وتركها أنقى من الراحة، ليس بها ما يأكل الطير أو يتظلل الحائراستباح مولاي عبدالله حاصر القلعة بعسكره. (من كتاب الاستقصاء).
وتقوم قصبة بولعوان على قمة صخرية شاهقة، تنزل عموديا على أضيق نقطة في منعطف مجرى واد أم الربيع، وتشرف على المنعطف من كلتا جهتيه، ولا تربطها بالسهل المجاور إلا بقعة ضيقة من الأرض، وموقعها موحش جدا، بحيث تبدو القلعة من بعيد بأبراجها الشاهقة وأسوارها المسننة عظيمة الهيكل هائلة البنيان.
ويتميز موقعها على الحدود المشتركة بين ثلاث اتحاديات قبلية كبرى هي دكالة والشاوية والرحامنة، فهي مركز ممتاز للمراقبة، وتتجلى أهميتها المعمارية لما تتوفر عليه من المرافق العسكرية من البرج الكبير، وباب السرّ، والحصن الأمامي المنحدر والمغطى، المفضي الى النهر، وأبراج الدعم الجناحي التي أحكم بناؤها بدقة ومهارة هندسية امتازت باستحكاماتها الدفاعية.
أما شكل القصبة الهندسي فهي مستطيلة غير متساوية الأضلاع، فطول السور الشمالي 55م، والجنوبي 105م، والشرقي 124م، والغربي 131م، ومحصنة بسبعة أبراج للمراقبة، ولها درجا مغطى بمرقب سدادي الشكل ومزود بكوات للرمي، ويسمح بالمرور من داخل القصبة الى جانب النهر حيث ما تزال بعض آثار مسبح ماثلة للعيان.
وبعد عبور الباب الرئيسي والرواق الداخلي، تظهر في الجهة اليمنى آثار دار السلطان مولاي اسماعيل، فسيحة الأرجاء مربعة الشكل تزينها صفوف من الأعمدة الأنيقة العالية، وفناء داخلي يفضي الى 4 غرف انهارت إحداها، واحتفظت الغرف الثلاث الأخرى بآثار فسيفساء متعددة الألوان وزخارف عربية منقوشة على الجص.
ثم يظهر برج مربع عظيم يحتضن القصبة كلها ويناهز علوه 10 أو 12م، وهو ملتصق بفناء الدارالداخلي الذي يصله به باب واحد، غير أن الدرج الداخلي انهار ولم يعد ممكنا الوصول الى سطح البرج.
أما رأس الصخرة التي شيدت عليها القصبة، فيبرز داخل الأسوار بشكل بيّن الى حدّ أن نتوءه يكاد يلامس قمة القصبة، وعلى كل جانبي النتوء توجد في منخفضين عظيمين، كهوف ضخمة كانت تستعمل في القديم لخزن الحبوب.
ومن البنايات الأخرى الموجودة داخل القصبة كذلك مسجد بني بالزاوية الجنوبية الغربية، ويضم قبر صالح يعرف بسيدي منصور، وصومعة عالية وصهريج ماء، وبقايا اسطبلات الدواب.
وقد ظل السلطان مولاي اسماعيل يستعمل هذه القصبة أثناء تنقلاته بين فاس ومكناس ومراكش، وكان لابنه السلطان مولاي عبدالله العلوي دارا بهذه القصبة نزل بها في عام 1744م حينما مطاردته لأخيه مولاي المستضيء حيث مكث بها سنة كاملة.
وقد شهد هذا المكان قبل أن تقام فيه القصبة حدثا تاريخيا في عهد الوطاسيين، وهو معركة بولعوان نسبة لقرية متواضعة كانت في نفس الموقع، فبعد دخول البرتغاليين مدينة أزمور سنة 1513م شرعوا في شن غارات وحشية خاطفة على قبائل الشاوية ودكالة للحصول على الغنائم والأسرى، وإكراه السكان على الخضوع لهم، وأمام هذه الوضعية، قرر أعيان المنطقة الالتحاق بفاس لحث السلطان الوطاسي على تحمل مسؤوليته في حماية رعاياه، فأمر السلطان أخاه الأمير الناصر الوطاسي بالتحرك نحو دكالة لمحاصرة البرتغال في أزمور، فكانت معركة عرفت بسم (معركة بولعوان) أو (وقعة الجمعة) لوقوعها في يوم الجمعة 14 أبريل 1514م، وقد شارك فيها حاميتي أزمور وأسفي البرتغاليتين، مع القائد يحيى أوتعفوفت الذي جند قبائل الغربية وعبدة الخاضعة له، وكان الجانب المغربي ممثلا في قائدين من قياد الأمير الناصر الوطاسي قد سبقاه الى بولعوان بينما بقي هو بالشاوية يستكمل جمع قواته، فاغتنم البرتغاليون الفرصة وقاموا بالهجوم على قائدي الوطاسيين الذين كانا على رأس 4000 فارس و 800 من الرماة وعدد كبير من المشاة، وانتهى الصدام بتراجع المغاربة بعد أن حُصد رماتهم حسب شهادة الرحالة الوزان الذي عاين المعركة، وقد نتج عن هذه الهزيمة نزوح سكان بولعوان الى جبال تادلا، غير أن القرية انتعشت بعد تحرير أزمور في خريف عام 1541م.
المصدر : المعلمة – ذ/ اسماعيل الخياطي – ذ/ محمد الشياظمي – ذ/ عبدالعزيز توري – ذ/ أحمد بوشارب
=======================================

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire